طرق تربية الإنسان في القرآن

إن أسس التربية التي اتبعها الاسلام ليست عملية تحويل مفاجئ ودفعة واحدة، فإن هذا لم يختره الله سبحانه مع قدرته على ذلك فإنه اذا أراد شيئا قال له كن فيكون، لكن الله سبحانه وتعالى اختار لنفسه طريقة الانشاء المتدرج رغبة بالانجاز التام.

إن التربية إنشاء متدرج وقد خلق الله تعالى الدنيا في ستة أيام[1] من أيامه سبحانه وتعالى وكان في قدرته أن يخلقها بكلمة كن.

من طرق التربية في القرآن

فمن طرق تربية الانسان في القران التوجيه والتحويل وذلك بتحويل رغبات المقصود بالتربية الى جانب من جوانب الخير.

وكمثال على ذلك أن نأخذ إنسانا ذا طمع مفرط فی متاع الحیاة الدنیا و زینتها، ثم نملأ قلبه إیمانا بالله و الیوم الآخر، و بما فی الیوم الآخر من جنة و نعیم مقیم، فيتحول طمعه إلی ما عند الله من أجر عظیم، و بذلک تنصرف نفسه و ینفک شیئا فشیئا عن التعلق بمطامع الحیاة الدنیا، طلبا لما هو أجلّ.

ومن طرق التربية التصعيد، وهو نوع من تحويل الطبع الانساني عن ما هو داني الى ما هو عالى لما في من كمال ورفعة بين الناس وكمال و رفعة عند الله.

ومن أمثلة التربیة بالتصعید قوله تعالى لرسوله صلّی اللّه علیه وآله: "وَ لا تَمُدَّنَّ عَیْنَیْکَ إِلی ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَیاةِ الدُّنْیا لِنَفْتِنَهُمْ فِیهِ وَ رِزْقُ رَبِّکَ خَیْرٌ وَ أَبْقی"[2]

وأزواجا منهم يعني أصنافا منهم.

إن الله تعالی أبان في هذه الآية أن کل ما یتمتع به الناس فی الحیاة الدنیا هو فی الواقع حاله كحال الزهرة التي من صفاتها أنها تغری ولکنها قصیرة العمر سریعة الذبول والفناء، والعاقل یبحث عن نعیم حقیقی باق.

والآية فيها مادة لامتحان الناس وابتلائهم، ولیس لتکریمهم " لِنَفْتِنَهُمْ فِیهِ" ثم بعد هذا التزهید فی زهرة الحیاة الدنیا قال تعالی: "وَ رِزْقُ رَبِّکَ خَیْرٌ وَ أَبْقی"

وفيه توجیه صاعد لما هو خیر حقیقی باق، وهو رزق اللّه للمتقین والأبرار والمحسنین، فی جنات النعیم، وفی الدنیا بسعادة الروح وراحة الفؤاد.

المصدر

[1] . سورة السجدة، الآية 4.

[2] . سورة طه، الآية 20.