تلازم سعادة الانسان بمعرفة امام زمانه

إن الاعتقاد الحق هو الاعتقاد بأن الامامة استمرار لوظائف الرسالة لا نفس الرسالة، فلابد أن يكون الامام متصفا بصفات النبي صلى الله عليه وآله سوى نزول الوحي عليه.

وإن الله تعالى قد تفضل على المعتقد بالحق، وتفضله تعالى درجات مترتبة على درجات معتقد الحق، فالذي اعتقد بامام زمانه وأنه حجة الله في أرضه على عباده وتابعه في عامة ما يأمره وينهاه، استحق أعلى درجات التفضل، بخلاف الذي تابعه في بعض ما يأمره وينهاه أو عمل على هوى نفسه في عامة ما يأمره وينهاه.

ففي هذين القسمين هو معتقد بوجوب الطاعة وحرمة ما حرمه الله تعالى، غير منكر لضروري من ضرورات الدين والمذهب، وسعادة مثل هذين القسمين انما هي بعدم حشرهما مع الكفار والمنافقين المستحقين للخلود في العقاب، فقد تنالهما الشفاعة قبل العقوبة، وهذه سعادة عظيمة بالنسبة اليهما.

نعم قد يعذبان بشئ في زمان محدود ويتفضل تعالى بالمغفرة فيحضيان بالسعادة، ودليل ما ذكرناه في معتقد الامامة جار في المعتقد بالنبي صلى الله عليه وآله وقد قال تعالى "إن الله يغفر الذنوب جميعا"[1]

يخرج منها الذنوب الموجبة للكفر لقوله تعالى" إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء"[2] ويبقى غيرها، فيشمله حديث النبي صلى الله عليه وآله" اذا كان يوم القيامة شفعت فقلت: يا رب أدخل الجنة من كان في قلبه خردلة فيدخلون"[3]

شفاعته صلى الله عليه وآله

والشفاعة تفضّل من الله تعالى ودعوة مستجابة من النبي صلى الله عليه وآله ادخرها لأهل الكبائر، وقد نطقت بهذه الشفاعة نصوص القرآن الكريم وتواترت بها السنة النبوية المطهرة وأكد عليها علماء الاسلام في دراساتهم العقائدية.

ومن هذا البيان اتضح خطأ ما قاله ابن تيمية من " إن مجرد معرفة الإنسان إمام ‌وقته، وإدراكه بعينه لا يستحق به الكرامة"[4] ولا توجب له السعادة.

إن قاله ابن تيمية بخل منه وعدم رضاه بأن يرحم الله عباده بمحض وجود مسمى الايمان في قلوبهم بسبب شفاعة خير خلقه صلى الله عليه وآله.

المصادر

[1] . سورة الزمر، الآية 53.

[2] . سورة النساء، الآية 48.

[3] . صحيح البخاري، ج9، ص821، ح 2308.

[4] . منهاج السنة، ج 1، ص 105.