فترة الشباب فترة حساسة للغاية ولها خصائص فريدة، يواجهها جميع البشر، والمسير الذي يُسلك في فترة الشباب، أشبه بطريق متعرج وزلق وخطير للغاية وفيه أودية مخوفة راح ضحيتها الملايين من الشباب الغافلين.
إن من أهم الرغبات الضرورية للإنسان، الصداقة والصحبة مع أشخاص في سنه ومعاصريه، والشباب يتأثر، خاصة في بداية فترة الشباب، بأصدقاء فيقدم الهدايا بعضهم لبعض، وبطبيعة الحال، إذا كانت الهدايا على طريق النمو والتقدم، فهي ممتازة للغاية في نجاح الإنسان؛ وإلا فستكون خطيرة.
ومراحل الصداقة مثل مراحل حياة الإنسان التي تنقسم إلى ثلاثة: مرحلة الطفولة، والشباب، والشيخوخة.
فمرحلة الطفولة يكون التواصل فيها عادة بلا سبب، ومبني على مشاعر وعواطف صافية، فلا يتواصل الإنسان مع أحدٍ بناءً على العقل والبرهان، حتى صداقته لوالديه ما هي إلا لحاجته إليهما وتعلقه بهما.
ومرحلة الشباب حساسة جداً. في هذه الفترة، تكون الصداقة لها لون مبهر، وعادة من يعيش في هذا السن، يولّي أهمية للصداقة والرفقة أكثر من أي شيء آخر.
وبما أن الفتيات والفتيان قد وصلوا إلى مرحلة حساسة هي مرحلة النضج الجنسي، ودخلوا مرحلة جديدة، فإنهم يشعرون دون قصد بالاستقلالية، ويُظهرون حبهم وشغفهم بوضوح في سلوكياتهم الشخصية والاجتماعية، وحيث أنهم لا يستخدمون المعايير المناسبة والعقلية في إقامة العلاقات والصداقات مع الآخرين، فإن احتمال وقوعهم في أودية الفساد الأخلاقي قوي جداً.
ومرحلة الشيخوخة، هي الفترة الأخيرة من حياة الإنسان، وعادة ما تكون الصداقة فيها مثل الطفولة، تنبع من الشعور بالحاجة، لقضايا مثل شؤون العمل والحاجة الى الماديات، فهذه أهم عامل في العلاقة والصداقة بين كبار السن.
خطورة الصداقة السيئة
ومما مضى يمكن أن نستنتج أن كثيراً ممن سقطوا في وادي الصداقة المزيفة، قد أصابهم الفساد الأخلاقي لدرجة أنهم إما فقدوا حياتهم في هذا الطريق، أو ندموا بعد ذلك وهم خلف القضبان.
ومن المؤسف جدا أن مجموعة من الشباب تحصر السبب لسقوطهم الاخلاقي بالصديق والرفيق! فطبيعي أن أي شخص لا يكون حذرا في علاقاته الاجتماعية وينغمس في الصداقة مع أي شخص، سيعاني حتما من العديد من المشاكل النفسية والعاطفية، والتي في بعض الأحيان لا يمكن علاجها أو تعويضها.
لكن حصر سبب السقوط الاخلاقي بصداقة الأشخاص السيئين والتأثر بهم، ليس بصحيح، قال الامام اَلرِّضَا عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: "صَدِيقُ كُلِّ اِمْرِئٍ عَقْلُهُ وَعَدُوُّهُ جَهْلُهُ"[1]
فأفضل صديق للرجل، البصيرة والحكمة والحيطة والحذر، وأسوأ عدو للإنسان الجهل والغفلة وترك الحيطة والحذر.
نعم المذنب هو نفس الانسان الذي لم يكن حذرا في اختيار الرفيق.
المصادر:
[1] . عيون أخبار الرضا عليه السلام، الشيخ الصدروق، ج 1، ص ۲۵۸.