عناد اليهود لا حصر له ولا حدود

لقد اغدق الله بالنعم على بني إسرائيل وانقذهم من سلطان جائر لا يرحم الكبير ولا الصغير، حتى بلغ به طغيانه أن كان يتلاعب بنواميس الناس وشرفهم، فأنقذهم الله من قبضة فراعنة مصر المتجبرين، وكان هذا أول نعمة يغدقها الباري عز وجل على بني إسرائيل.

وفيما كان جيش الفراعنة ذا قوة عظيمة ويتقدمه الطاغية فرعون، كان بنو إسرائيل قوم ضعفاء وعاجزين يفتقدون لرجال الحرب وللسلاح، فوصلهم المدد الإلهي في تلك اللحظات، وأغرق فرعون وجيشه وسط أمواج البحر، وأورث بني إسرائيل قصور وثروات وحدائق وكنوز الفراعنة.

لقد ذكّرهم اللَّه بنعمه وخاطبهم بقوله سبحانه:" أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ "[1] لكنهم قابلوا تلك النعم بتقديم كفرهم وخلافهم وشقاقهم وتعنتهم مع الأنبياء ومعاندتهم لهم وبلوغهم في ذلك ما لم يبلغه أحد من الأمم قبلهم.

 لقد شاهدوا الآيات الباهرة فلم يعتبروا، وعبدوا العجل بعد مفارقة موسى عليه السلام إياهم بالمدة اليسيرة، ثم لما أمروا بدخول الباب سجداً وأن يقولوا حطة، وقد وعدهم الله أن يغفر لهم خطاياهم ويزيد في ثواب محسنهم، فبدلوا القول وفسقوا، ثم سألوا الفوم والبصل بدل المن والسلوى، ثم لما أمروا بذبح البقرة شافهوا موسى عليه السلام بقولهم: " أتتخذنا هزواً "[2] ولما شاهدوا إحياء الموتى ازدادوا قسوة، فكأن الله تعالى يقول : إذا كانت هذه أفعالهم فيما بينهم ومعاملاتهم مع نبيهم الذي أعزهم الله به وأنقذهم من الرق والآفة بسببه، فغير بديع ما يعامل به أخلافهم محمداً صلى الله عليه وآله.

وهذا ما حدث بالفعل، فإنه حينما هاجر رسول الله صلى الله عليه وآله من مكة إلى المدينة، كان في المدينة من اليهود ثلاث عشائر: بني قينقاع، وبني قريظة، وبني النضير، وقد أنشأوا فيها معاصر للخمور، وبيوتا للدعارة، ومراعي للخنازير، وكانوا يحتكرون صياغة الذهب والفضة، وصناعة الأسلحة، ويتاجرون بالربا، وكانوا هم السادة للحياة الاقتصادية بالمدينة.

وبعد هجرة النبي صلى الله عليه وآله شعروا بالخطر على مصالحهم، لأن الشباب بعد اليوم لن يشربوا لخمر ولم يأكلوا لحم الخنازير، ومعنى هذا كساد أرباحهم، هذا إضافة الى أن النبي صلى الله عليه وآله كان قد أمر تجار المسلمين أن ينشؤوا سوقا جديدة في المدينة، فأنشؤا ونشطت المعاملات فيها، وهذا وحده كاف لأن يملأ قلوب اليهود حقدا، فأخذوا بالكيد للرسول والتآمر على المسلمين، واستمر عنادهم وفسادهم الى يومنا هذا.

إسرائيل تقتل وتشرّد

فقد صدرفي سنة 1968 كتاب في إسرائيل ، اسمه سياخ لوخاميم أي أحاديث الجنود، ترجمت جريدة الأهرام المصرية بعض ما جاء فيه في عدد 23 / 8 / 68، فمما جاء فيه:" من لا يستطيع أن لا يقتل أولا يدمر بيتا وينسفه على من فيه فالأفضل له أن يقعد في بيته" هذه هي شريعة إسرائيل ، وهذا هو هدفها القتل والتشريد.[3]

انها ليست مجرد دولة كغيرها من الدول، وانما هي عصابة مسلحة صهيونية استعمارية تهدف إلى قتل وتشريد أصحاب البيوت والمزارع من النيل إلى الفرات لتحتل بيوتهم ومزارعهم.

 لقد فرّق اللَّه بني إسرائيل في الأرض فرقا وجماعات شتى لا وطن يجمعهم ولا دولة تحفظهم، قال تعالى: " وقَطَّعْناهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَماً"[4] وحاولت الصهيونية أن تقيم لهم دولة من النيل إلى الفرات بالقرصنة والاغتيال، وخيل إليها ان العدوان يحقق لها ما تريد، ذاهلة ان إسرائيل تقوم على الألغام، وان الأمر يحدث بعده الأمر، وان مصائر الخلق بيد اللَّه وحده لا بيد الصهيونية والاستعمار.

المصادر:

[1] . سورة البقرة، الآية 40.

[2] . سورة البقرة، الآية 67.

[3] . التفسير الكاشف، محمد جواد مغنية، ج 3، ص 383.

[4] . سورة الأعراف، الآية 168.