الإمام علي ذلك المظلوم المقتدر

الإمام علي : جاء في رواية ابن شيرويه الديلمي في فردوس الأخبار عن ابن عباس: "أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ قَالَ لِعَلِيٍّ لَوْ أَنَّ اَلْبَحْرَ مِدَادٌ وَ اَلْغِيَاضَ أَقْلاَمٌ وَ اَلْإِنْسَ كُتَّابٌ وَ اَلْجِنَّ حُسَّابٌ مَا أَحْصَوْا فَضَائِلَكَ يَا أَبَا اَلْحَسَنِ".[1]

الإمام علي عليه السلام هو جامع العجائب، ووجوده المقدس هو مظهر من مظاهر الفضائل والصفات الإلهية والإنسانية الفريدة. وهو الأصل والمرجع لكل الكمالات والمعجزات، وفي يوم غزوة أحد الدامية، سمع رسول الله صلى الله عليه وآله مناديا ينادي: ناد عليا مظهر العجائب...[2]

حياة إمام العارفين عليه السلام ملئها روائع مذهلة، وهو الذي عُدّتْ ضربته في معركة الخندق أفضل من عبادة الثقلين إلى يوم القيامة!

الإمام علي أول مظلوم

فمن مظاهر العجائب في شخصية أمير المؤمنين عليه السلام، مظهر مظلوميته. هذا الإمام الذي جمع عجائب الخلقة، والفريد في كل الأبعاد الإنسانية، لُقّب بالمظلوم الأول. ففي زيارته عليه السلام نقرأ: "السلام عليك يا ولي الله، أنت أول مظلوم".[3]

وفي شرح هذه الفَقَرة ينبغي القول: أن كونه عليه السلام أول مظلوم لا يرجع إلى الترتيب الزمني. لأنه من الواضح أن هناك من تعرض للظلم قبله. فالنبي صلى الله عليه وآله، خلال إقامته في مكة وبعد هجرته، تعرض للقمع والاضطهاد مرات عدة من قبل البعيد والقريب. ولذلك يمكن أن نفهم أن الإمام عليه السلام كان أول مظلوم من حيث الحجم وسعة المظالم التي لحقت بتلك الشخصية الفريدة.

إن الظلم على الإمام علي عليه السلام لا يعني الإجحاف والتجاوزات الرائجة التي لا يضطرب محيط وجوده اللامحدود بنسيم صغير منها. إن الظلم على الإمام علي يعني العنف ضد الإنسانية وتغيير مسار التاريخ في وادي الضلالة والدمار. إن ظلم ذلك الإمام العظيم، كان إرساءً لأساس الاعوجاج والباطل وترسيخاً للفساد والظلم. لأنه الإمام الذي كان ينظر إلى الدنيا بكل زخارفها، أزهد عنده من عفطة عنز، وأنّ نعله أحب إليه من الإمرة إلا أن يقيم حقا أو يدفع باطلا.

لقد كان أمير المؤمنين عليه السلام على المنبر يَخْطُبُ، إذ دخل أَعْرَابِيٌّ رافعا صوته يقول: وَا مَظْلِمَتَاهْ، فَقَالَ عَلِيٌّ عليه السلام، ادْنُ فَدَنَا فَقَالَ: لَقَدْ ظُلِمْتُ عَدَدَ الْمَدَرِ وَالْوَبَرِ..[4]

المصادر:

[1] . بحار الأنوار، محمد باقر المجلسي، ج۴۰، ص۷۵.

[2] . زاد المعاد، محمد باقر المجلسي، ج۱، ص۴۲۹

[3] . الكافي، الشيخ الكليني، ج ٤، ص٥٦٩.

[4] . مناقب آل أبي طالب عليهم السلام، ابن شهرآشوب، ج‏2، ص: 115.