من تعاليم الإسلام التربوية، أنه إذا أساء إليك أحد فاغفر له، ومن أحسن إليك فعامله بأحسن منه، وهذا السلوك يؤدي إلى انتشار الخير بين أفراد المجتمع وتعاطف المؤمنين مع بعضهم البعض.
إن الإمام الحسين عليه السلام، من أجلى مظاهر العمل بتعاليم الإسلام، يقول أنس بن مالك: "كنت عند الحسين عليه السلام، فدخلت عليه جارية فحيته بطاقة رَيْحان، فقال لها: أنت حرة لوجه الله، فقلت: تجيئك بطاقة رَيْحان لا خطر لها فتعتقها؟ قال: كذا أدبنا الله، قال الله "وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أوردوها"[1]وكان أحسن منها عتقها."[2]
تواضع الإمام الحسين والرفق بالفقراء
إن من ينشأ على التربية القرآنية، ويجعل التقوى معيار للفضيلة، لا يعد نفسه أعلى من الآخرين. نقل العياشي وغيره: أن الإمام الحسين عليه السلام، مرّ ذات يوم على جماعة من الفقراء، قد وضعوا على وجه الأرض كسيرات من الخبز، كانوا قد التقطوها من الطريق وهم يأكلون منها، فدعوه لمشاركتهم فأجاب دعوتهم قائلا: "إن الله لا يحب المتكبرين"[3]ولما فرغ من مشاركتهم، دعاهم لضيافته، فأغدق عليهم المال وأطعمهم وكساهم.[4]
مكانة الأم عند الإمام الحسين عليه السلام
تعد الأم العامل الأكثر فعالية في تربية الأبناء، وبُنْية هُوية الإنسان تعتمد على هذه النقطة الدقيقة، لدرجة أن النصوص الدينية تؤكد أن جزءا من أسباب سعادة الفرد أو سوء حظه يرتبط بفترة الحمل، لأن سلوك الأم وحالتها المزاجية في اللحظات الأولى والأخيرة من هذه المدة تؤثر على تكوين شخصية الطفل المستقبلية. ويوضح الإمام الحسين عليه السلام، الآثار التربوية للنساء العفيفات، ويصف أثرها العميق في حياة الناس، حيث يقول: أَلَا إِنَّ الدَّعِيَّ ابْنَ الدَّعِيَّ ـ يعني ابن زياد ـ قَدْ رَكَزَ بَيْنَ اثْنَتَيْنِ بَيْنَ السَّلَّةِ وَالذِّلَّة، وَهَيهَاتَ مِنَّا الذِّلَّة، يَأبَى اللهُ ذَلِكَ لَنَا وَرَسُولُهُ وَالمُؤمِنُونَ وَحُجُورٌ طَابَت وَطَهُرَت وأُنوفٌ حمية، ونفوسٌ أبية، من أن نُؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام.[5]
في هذا البيان، يرى الإمام عليه السلام، أن من أسباب عدم قَبول الذل والهوان هو حُجُورٌ طَابَت وَطَهُرَت، وفي يوم عاشوراء، من أجل إيقاظ القلوب يذكر علاقته بالسيّدة فاطمة وخديجة، فيسأل القوم: "أنشدكم الله، هل تعلمون أن أمي فاطمة بنت محمد؟ قالوا: اللهم نعم. قال: أنشدكم الله، هل تعلمون أن جدتي خديجة بنت خويلد، أول نساء هذه الأمة إسلاما؟ قالوا: اللهم نعم"[6]
المصادر:
[1] . سورة النساء، الآية 86.
[2] . كشف الغمة، الأربلي، ج ٢، ص ٢٠٦.
[3] . سورة النحل، الآية 23.
[4] . الانتصار، العاملي،ج ٨، ص ١٤.
[5] . ترجمة الإمام الحسين (ع)، ابن عساكر، ص ٣١٩.
[6] . الأمالي، الشيخ الصدوق، ص ٢٢٢.