حق الجار في القرآن وعند أهل البيت

في موضوع الجوار قال سبحانه وتعالى: وَاعْبُدُوا اللّهَ وَلا تُشْرِکُوا بِهِ شَیْئًا وَ بِالْوالِدَیْنِ إِحْسانًا وَ بِذِی‌الْقُرْبی وَالْیَتامی وَ الْمَساکینِ وَالْجارِ ذِی‌الْقُرْبی وَالْجارِ الْجُنُبِ.

في هذه الآية يطلب سبحانه من عبده المؤمن أن يحرص على اللطف مع مختلف فئات بني البشر، ومن ذلك الإحسان إلى جاره القريب والبعيد.

في الآية أعلاه، يتم وضع اللطف مع الجار في مرتبة قريبة من عبادة الله تعالى ونبذ الشرك، وهذا التوافق بين مبدأ عقيدة التوحيد واللطف مع الناس، وخاصة الجيران البعيدين والقريبين، مهم للغاية. وهل المقصود بالجار في الآية المذكورة، الجار القريب أو البعيد، ذكر المفسرون في ذلك احتمالات مختلفة.[1]

الجوار في الروايات

وفي روايات وأقوال أهل البیت علیهم السلام، للجار والجوار مكانة خاصة، يقول أمير المؤمنين علي عليه السلام: "ما تَأکّدِّتِ حُرْمَةً بِمِثْلِ الْمُصاحِبَةِ وَالْمُجاوَرَةِ"[2]

كذلك قال النبي صلى الله عليه وآله في بيان أهمية الجار: "الجار كالنفس غير مضار ولا آثم ".[3]

وفقًا لهذا الحديث، فكما يحاول الإنسان حماية نفسه، فإن الجار له نفس القدر من الأهمية ويجب الاعتناء به.

أيضا كان النبي صلى الله عليه وآله يعتبر حرمة الجار كحرمة الأم، قال عليه السلام: "حُرْمةُ الْجارِ عَلَی الاِنْسانِ کَحُرمةِ اُمّهِ"[4]

وروي أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله يستشيره في شراء بيت، فقال النبي: "الجار ثم الدار..." .[5]

إنه صلى الله عليه وآله يعتبر مكانة الجار وأهميته من وصايا جبريل ويقول:"مازالَ جِبْرِئیلُ یوصینی بِالْجارِ حَتّی ظَنَنْتُ انَّهُ سَیوَرِّثُهُ."[6]

وفي هذا السياق أوصى الإمام علي عليه السلام الإمام الحسن المجتبي عليه السلام وقال: "سَلْ عَنْ الرَّفیقِ قَبْلَ الطَّریقِ وَعَنْ اَلْجارِ قَبْلَ الدّار.[7]

وفي وصية النبي في آخر حياته للإمام علي عليه السلام يقول: "اَللهُ اَللهُ فی جِیرانِکمُ، فَاِنَّها وَصیةُ نَبیکُمُ"[8] والحاصل أن الجوار والجار الصالح في ثقافة القرآن وأهل البيت، ليس فقط مكرماً ومحترماً في الدنيا، بل علّمنا أئمة أهل البيت عليهم السلام أن نسأل الله تعالى الرفقة والجوار مع أهل الخير في الآخرة والجنة.

المصادر:

[1] . التفسير الأمثل، ناصر مکارم الشیرازي، ج3، ص230.

[2] . میزان الحکمه، المحمدي الري شهري، ج 2، ص 916.

[3] . أصول الكافي، محمد بن يعقوب الكليني، ج6، ص576.

[4] . ميزان الحكمة ج2، ص918.

[5] . مكارم الأخلاق، فضل بن حسن الطبرسي، ج1، ص224، ح834.

[6] . أمالي الشيخ الطوسي، ص520 - ميزان الحكمة، ج2، ص916.

[7] . نهج البلاغة، الرسالة 31.

[8] . بحار الأنوار، محمد باقر المجلسي، ج42، ص256.