أهل البيت والتواضع

إن التواضع خلة جذابة تستهوي القلوب و تستثير الاعجاب، وقد أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وآله بالتواضع فقال تعالى "وَ اخْفِضْ جَناحَکَ لِمَنِ اتَّبَعَکَ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ"[1]

كان أهل البيت عليهم السلام روّاد مكارم الاخلاق و منار التواضع والاخلاق الرفيعة، وقد شوّقوا اليه في كلماتهم الحكيمة، قال الامام الصادق عليه السلام: "إنّ فی السماء ملکین موکلین بالعباد،فمن تواضع للّه رفعاه،و من تکبّر وضعاه"[2]

لقد عرّف الامام الصادق عليه السلام التواضع بأنه "أن ترضی بالمجلس دون المجلس،و أن تسلّم علی من تلقی،و أن تترک المراء و إن کنت محقا.و لا تحب أن تحمد علی التقوی"[3]

وعلى هذا فالتواضع الممدوح هو المتسم بالقصد والاعتدال، دون اسرفٍ داع الى الخسة والمهانة ولا تفريط باعث على التكبر والانانية.

التواضع ممدوح لا مطلقاً

إن التواضع صفة جيدة في نفسها لكن قد يواجه الإنسان بعض الانانيين والمتعالين على الناس، ومثل هذه الحالة لا يحسن التواضع اليهم، لان التواضع والحالة هذه تكون مدعاة للذل والهوان وتشجيعا لهم على الأنانية والكبر. قال الشاعر:"إذا أنت أکرمت الکریم ملکته * و إن أنت أکرمت اللئیم تمردا"[4]

كان رسول الله صلى الله عليه وآله، وأهل بيته عليهم السلام أشد الناس تواضعا، إنه كان اذا دخل منزلا قعد في أدنى المجلس، ويخصف نعله بيده ويجالس الفقراء ويواكل المساكين، فقد روى أبو ذر الغفاری:کان رسول اللّه صلى الله عليه وآله یجلس بین ظهرانیّ أصحابه، فیجیء الغریب فلا یدری أیّهم هو حتی یسأل،فطلبنا إلیه أن یجعل مجلسا یعرفه الغریب إذا أتاه.[5]

وسار أهل بيته عليهم السلام بنفس سيرة جدهم. فهذا الامام الحسین عليه السلام، مرّ بمساکین و هم یأکلون کسرا لهم علی کساء،فسلّم علیهم،فدعوه إلی طعامهم،فجلس معهم و قال: لو لا أنّه صدقة لأکلت معکم.ثم قال:قوموا إلی منزلی،فأطعمهم و کساهم و أمر لهم بدراهم.[6]

المصادر

[1] . سورة الشعراء، الآية 215.

[2] . الوسائل ،ج2، ص215.

[3] . الكافي، ج2، ص123.

[4] . الحكمة ۴۷ شرح ابن ‏أبی ‏الحدید، ج ۱۸.

[5] . مكارم الاخلاق، ص 16.

[6] . قادتنا كيف نعرفهم، ج5، ص392.