-تنوّع شهداء الطف اجتماعيّاً وقد وصفهم الإمام الحسين عليه السلام بقوله" إني لا أعلم أصحاباً ولا أهل بیت أبرّ ولا أوصل من أصحابي وأهل بیتي"
إن المتتبع لسيرة أصحاب الإمام الحسين عليه السلام، لا يجد لإخلاصهم نظير ولا لتضحياتهم مثيل، ولقد قال رجل من جماعة عمر بن سعد في وصف شهداء كربلاء عندما سُئل فقال:" إنک لو شهدت ما شهدنا لفعلت ما فعلناه، ثارت علینا عصابة أیدیها فی مقابض سیوفها کالأسود الضاریة، تحطم الفرسان یمیناً وشمالاً، وتلقی أنفسها علی الموت، لا تقبل الأمان ولا ترغب فی المال، ولا یحول حائل بینهما وبین الورود علی حیاض المنیّة أو الاستیلاء علی الملک، فلو کففنا عنها رویداً لأتت علی نفوس العسکر بحذافیرها، فما کنّا فاعلین لا أمّ لک!".[1]
أصحاب الإمام الحسين عليه السلام
أصحاب الإمام الحسين عليه السلام محصوروا العدد، واختلف المؤرخون في عددهم وذلك نظرا لاختلاف المنازل والمحطات التي تمّ فيها احصائهم، فكانوا 600 واستقروا عند عدد 72 في ليلة يوم العاشر من محرم.
وتنوعت أعمار أصحاب الإمام الحسين عليه السلام، ففيهم الطفل الرضيع، ومن كان في العقد الثاني من عمره كـ عبد الله بن الحسن الذي كان عمره يقارب 11 سنة، القاسم بن الحسن الذي كان يقارب عمره 13 سنة، وكـ عمرو بن جنادة الأنصاري في عمر 11 سنة، ومنهم في العقد الثالث من العمر كـ عثمان بن عليّ 21 سنة، وعبد الله بن علي 25 سنة، وعليّ بن الحسين 27 سنة.
ومنهم في العقد الرابع من العمر كأبي الفضل العباس عليه السلام.
ومنهم شيوخ مسنُّون كـ أنس بن الحارث الكاهلي الصحابي الذي شهد بدراً، وكان مقوّس الظهر، وكـ مسلم بن عوسجة وهو صحابيّ أيضاً، وكـ زاهر مولى عمرو بن الحمق الخزاعيّ.
أما من حيث الطبقات الاجتماعية ففيهم الصحابي كما مرّ، وفيهم شيوخ قرّاء كبُرير بن خُضير الهمداني، وفيهم قادة عسكر كالحر بن يزيد الرياحي، من أمراء الجيش الأموي، والحلاس بن عمر الراسبي، من قادة شرطة الإمام علي عليه السلام في الكوفة، وفيهم زعماء قبائل كحبيب بن مظاهر الأسدي وعابس بن شبيب الشاكرين وفيهم شخصيات بارزة كنافع بن هلال، وعمر بن عبد الله "أبي ثمامة الصائديّ" وسويد بن عمر. وفيهم عبيد كجَوْن مولى أبي ذر.
أما من حيث الإنتماء القومي، ففيهم من الترك ك أسلم مولى الحرث المذحجي، الذي عندما سقط على الأرض جاءه الإمام الحسين عليه السلام واعتنقه فقال "من مثلي وابن رسول الله واضعٌ خدَّه على خدي"[2]
ومنهم من الحجاز كالصحابيّ عبد الرحمن الأنصاريّ الخزرجيّ، وجنادة بن كعب بن الحرث الأنصاريّ، وابنه عمرو ابن جنادة...
ومنهم من الكوفة أنس بن الحارث، ويزيد بن زياد الكندي، وعبد الرحمن بن عروة الغفاريّ، وعبد الله بن عمير الكلبيّ.
ومنهم من البصرة كيزيد بن ثبيط العبدي البصريّ، وابنَيْه عبد الله وعبيد الله، وعامر بن مسلم العبديّ البصريّ.
ومنهم من اليمن كبرير بن فضيل الهمداني، وسويد بن عمر بن أبي المطاع الخثعمي، وجنادة بن الحارث، والحجّاج بن مسروق الجعفي، والحلاَّس بن عمر.
أما من حيث اللون ففيهم الابيض والأسود كجَوْن مولى أبي ذر الذي قال له الإمام عند مصرعه:"اللهمّ بيّض وجهه، وطيِّب ريحه، واحشره مع الأبرار، وعرّف بينه وبين آل محمد"[3]
المصادر:
[1] . شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد المعتزلي، ج 1 ص 307.
[2] . أعيان الشيعة، السيد محسن الأمين، ج3، ص303.
[3] . المصدر، ج1، ص605.