إمامة النبي إبراهيم بعد الابتلاء

11:11 - 2023/08/01

-مرّ النبي إبراهيم عليه السلام باختبارات متتالية واجتازها بنجاح وتبيّن من خلالها مكانة ابراهيم وعظمته وشخصيته.

بعد أن مرّ النبي إبراهيم عليه السلام بالاختبارات "وإِذ ابْتَلَى إبراهيم رَبُّهُ بِكَلِمَات" واجتازها بنجاح، استحق أن يمنحه الله الوسام الكبير، فقال: إني جاعلك للناس إماما.[1]

وتمنى النبي إبراهيم عليه السلام أن يستمر خط الإمامة من بعده، ولا يبقى محصورا بشخصه، لذا قال: ومن ذريتي، لكن الله سبحانه أجابه بقوله: لا ينال عهدي الظالمين.

إبراهيم

النبي إبراهيم عليه السلام

فالطلب الذي تقدم به النبي إبراهيم عليه السلام في استمرار خط الإمامة في ذريته قد استجيب، لكن هذا المقام له شروطه الخاصة به فإنه لا يناله إلا الطاهرون المعصومون من ذريته لا غيرهم.

إن الإمامة التي مُنحت للنبي إبراهيم عليه السلام تفوق منزلة النبوة والرسالة، التي تقتصر الى إبلاغ أوامر الله والبشارة والانذار، والإمامة تعني تحقيق المناهج الدينية بما في ذلك منهج الحكم بالمعنى الواسع للحكومة، وإجراء الحدود وأحكام الله، وتطبيق العدالة الاجتماعية، وتربية الأفراد في محتواهم الداخلي وفي سلوكهم الخارجي. وبعبارة أخرى الإمامة الايصال الى المطلوب وليست إراءة الطريق.

وقوله تعالى " لا ينال عهدي الظالمين" يراد بالظلم المعنى الواسع للكلمة ولا يقتصر على ظلم الآخرين، وعليه فإن لحظة من الذنب والمعصية خلال العمر تسبب سلب لياقة هذه المنزلة عن الشخص، وظهر من هذه الآية أن تعيين الإمامة يكون من قبل الله تعالى لأن الإمامة ميثاق إلهي، فطبيعي أن يكون التعيين من قبل الله تعالى، ومن تلبس بظلم ومارس بحياته لحظة ظلم بحق نفسه أو بحق الآخرين، لا يليق للإمامة، فالإمام يجب أن يكون طيلة عمره معصوما.

يقول صاحب المنار: إن أئمة المذاهب الأربعة كانوا معارضين لحكام زمانهم، وكانوا يعتبرون أولئك الحكام غير لائقين لزعامة المسلمين، لأنهم ظالمون.[2]

 لكن في عصرنا الحاضر، نجد كثيرا من علمائهم يؤيدون ويدعمون الحكومات الظالمة المتجبرة المرتبطة ارتباطا واضحا جليا بجبهة الكفر العالمية، والمفسدة في الأرض إفسادا لا يخفى على أحد، بل أكثر من ذلك يعتبرون هؤلاء الحكام " أولي الأمر " ويركزون على وجوب طاعتهم.

إن الاختبار والتمحيص بالبلاء الذي مرّ به النبي إبراهيم عليه السلام، كان محكّاً أظهره على حقيقته على رغم ثقل الابتلاءات وصعوبتها، والمؤمن العاقل لا يخرج عن دينه عند نزول المصيبة، ولا يتفوه بكلمة الكفر والسفه والجهل، وخير ما قيل في تصوير هذا المعنى، قول سيد الشهداء عليه السلام يوم الطفّ: الناس عبيد الدنيا، والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درت معايشهم، فإذا محصوا بالبلاء قلّ الديانون.

إن أهل البيت عليهم السلام نظرهم الى قوله تعالى" رضي اللَّه عنهم ورضوا عنه"[3] كما قال سيد الكونين: إن لم يكن بك غضب عليّ فلا أبالي،[4] وكما قال سبطه الحسين الشهيد: رضى اللَّه رضانا أهل البيت، نصبر على بلائه، ويوفينا أجور الصابرين.[5]

المصادر:

[1] . سورة البقرة، الآية 124.

[2] . المنار، محمد رشيد رضا، ج 1، ص 457-458.

[3] . سورة التوبة، الآية 100.

[4] . بحار الأنوار، محمد باقر المجلسي، ج ١٩، ص٢٢.

[5] . أهل البيت في الكتاب والسنة، محمد الريشهري، ص٢٨٩.

كلمات دلالية: 

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
3 + 1 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.