تبعية المرأة لزوجها في الإسلام

يحاول البعض أن يتخذ مما ورد من أن المرأة على دين زوجها،[1] ذريعة لتثبيت أن على المرأة أن تعيش حالة التبعية للرجل تتلقى أوامره وتخضع لإرادته.

المرأة شديدة التأثر بزوجها

فصحيح أن المرأة شديدة التأثر بزوجها، لكن لا يصل الأمر الى حد أن تفقد إرادتها بصورة تامة، لأن المرأة في الإسلام إنسان كامل، أهّلها الله لأن تكون موضع كرامة الله، وتتلقى الخطاب الإلهي، والتكليف الرباني، وتتوجه إليها الأوامر والزواجر التي تناسب واقعها الذي تفرضه طبيعة خلقها، فالمرأة مخلوق لا مجال لأن يُفرض عليه الرأي والاعتقاد، ما دامت تملك العقل والتمييز، والإرادة والاختيار.

فهذه آسية بنت مزاحم امرأة فرعون، أراد الإسلام لها - كما أراد لمريم بنت عمران، وخديجة، والزهراء عليهن السلام - أن تكون الأسوة للنساء في هذه الحياة، ومظهراً لإرادة الله تعالى على هذه الأرض، وتجسيداً لحكمته، وإظهاراً لبديع صنعه.

لقد أقسم فرعون لتذوقن آسية الموت أو لتكفرنّ بإله موسى، فأبت فأمر بها حتى مدّت بين أربعة أوتاد، ثم لا زالت تعذب حتى ماتت، كما قال الله سبحانه:" وَفِرْعَوْنَ ذِي الأوْتَادِ".[2]   

وعن ابن عباس قال: أخذ فرعون امرأته آسية، حين تبين له إسلامها يعذبها لتدخل في دينه، فمر بها موسى عليه السلام وهو يعذبها، فشكت إليه بإصبعها، فدعا الله موسى أن يخفف عنها، فلم تجد للعذاب مساً، وإنها ماتت من عذاب فرعون لها. فقالت وهي في العذاب: "رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ ".[3]

آسية ترى نفسها محكومة لضوابط الدين والقيم والمثل، وهي تهيمن على كل وجودها فلا تستطيع أن تسترسل في حركتها، ولا يمكنها أن تتوسل بكل ما يحلو لها.

على العكس من فرعون الذي لا يملك شيئاً من المثل والقيم الإنسانية، ولا يردعه رادع عن فعل أي شيء، فهو يسترسل مع شهواته وطموحاته ومصالحه بلا حدود ولا قيود، ودونما وازع أو رادع، ويقول للناس: "أَنَا رَبُّكُمُ الأعْلَى".[4]

كانت تلك بعض لمحات الواقع الذي واجهته امرأة فرعون، وقد واجهت كل هذا الواقع الصعب بصبر وثبات، ولم تكن تملك إلا نفسها، وقوى إرادتها، وقويم وعيها، الذي جعلها تدرك أن ما يجري حولها هو خطأ وانحراف، فرفضت ذلك من موقع البصيرة والإيمان، وواجهت كل وسائل الإغراء والقهر، ولم تبال بحشود فرعون، ولا بأمواله، ولا بجاهه العريض، ولا بزينته ومغرياته، ولا بمكره وحيله وحبائله.

وطلبت من الله سبحانه وتعالى أن يهيئ لها سبل النجاة من فرعون وأعماله، وقالت: " رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ".[5]

المصادر:

[1] . شرح سنن أبي داود للعباد، 548، 71 بترقيم الشاملة آليا.

[2] . سورة الفجر، الآية 10.

[3] . سورة التحريم، الآية 11.

[4] . سورة النازعات، الآية 24.

[5] . سورة التحريم، الآية 11.