في الأساس، كل موهبة طبيعية هي دليل على وجود حق طبيعي. وعندما يُعطى كائنٌ موهبة وفضلاً في الخلق، فهذا بمنزلة وثيقة ودليل على حقه في تفعيل موهبته، ومنعه في ذلك يُعد ظلما له.
المرأة والحجاب: لماذا نقول إن لجميع البشر رجالا ونساء، الحقُّ في الدراسة، ولا نعطي هذا الحق للحيوانات؟ لأن القدرة على الدراسة في البشر موجودة، ومفقودة في الحيوانات. إن للحيوانات القدرة على التغذية والتكاثر، وحرمانها من هذه الأنشطة مخالف للعدالة.
إن منع المرأة عن الجهود التي أتاحتْها لها الخلقةُ ليس اضطهادا للمرأة فحسب، بل هو أيضا خيانة للمجتمع. وكل ما يؤدي إلى بقاء القِوى الطبيعية التي وهبها الله للإنسان معطلةً وغير فعالة، فهو في ضرر المجتمع. إن العامل البشري، هو أعظم رأس مال المجتمع. والمرأة إنسان وعلى المجتمع أن يستفيد من عمل ونشاط هذا العامل وقوتها الإنتاجية. وشل هذا العامل وإهدار قِوى نصف أفراد المجتمع، هو في نفس الوقت ضد الحق الطبيعي للمرأة الفردية وضد حق المجتمع ويجعل المرأة تعيش دائما عبئاً على الرجل.
الجواب على حجاب المرأة
وجواباً على السؤال المطروح في العنوان نقول: إن الحجاب الإسلامي لا يهدر قوة المرأة ومواهبها الطبيعية.
والاعتراض المذكور إنما يتعلق بهذا الشكل من الحجاب الذي كان شائعا بين الهنود أو الإيرانيين القدماء أو اليهود. والحجاب الإسلامي، لا يعني حبس المرأة في البيت ومنع ظهور مواهبها. إن أساس الحجاب في الإسلام، هو أن الهوية الجنسية يجب أن تكون مخصصة للبيئة الأسرية والزوجة الشرعية، وأن تكون البيئة الاجتماعية مخصصة للعمل والنشاط فقط.
ولهذا السبب لا يسمح للمرأة أن تستفز الرجال عند خروجها من المنزل، ولا يسمح للرجل أن يركّز نظره على المرأة. فهكذا حجاب، ليس فقط لا يشل القِوى العاملة النسائية فحسب، بل يعزز القُوّة العاملة في المجتمع.
إذا كان الرجل يجعل المتع الجنسية حصرية لزوجته الشرعية، ويقرر التوقف عن التفكير في هذه القضايا بمجرد أن يخرج من المنزل ويدخل في المجتمع، فيمكنه بالتأكيد أن يكون أكثر نشاطًا مما لو كانت كل أفكاره مركزة على هذه المرأة، وتلك الفتاة الطويلة والقصيرة، ومغازلة النساء والتخطيط لكيفية التقرب والتعرف على سيدة معينة.
فهل يكون من الأفضل للمجتمع، أن تذهب المرأة للعمل بكل بساطة وجدية، أم أن تضيع وقتها في الوقوف أمام المرآة وطاولة الحمام لساعات قبل أن تخرج من المنزل، وعندما تخرجُ يكون كل همّها أن تجذب أنظار وأفكار الرجال إليها؟ وتحوّل الشبابّ الذي ينبغي أن يكونوا مظهراً لإرادة المجتمع ونشاطه وقراره، إلى كائنات شهوانية، مشغولة الأعين بالنظر إلى النساء، ولا إرادة لها؟
فيا عجباً لاستدلالهم أن الحجاب يشل نصف أفراد المجتمع، ولم يلتفتوا إلى أنهم قد شلوا قِوى كل الرجال والنساء بترغيب المرأة إلى ترك الحجاب. واعتنائها بنفسها فتقضي الوقت لساعات أمام المرآة قبل الخروج من المنزل، كما وظفوا الرجل ليصبح كل همّه صيد النساء وقنصهنّ.
