حقوق المرأة من منظور القرآن (الأنشطة الاجتماعية)

المرأة في الإسلام: إن أوضح القضايا في الإسلام، هي الدعم المبدئي لتطور العلوم وتوسيع نطاق التعليم والمعرفة على مستوى المجتمع، دون تمييز بين الأفراد والطبقات.

والآيات القرآنية قد عبّرت عن هذا السياق، كما أكدت التعاليم الواردة في الحديث أيضًا على ضرورة تطوير المعرفة والعقلانية بطريقة واسعة وعميقة جدًا. حتى إن الدين تمّ تعريفه بالعقل، قال الإمام علي عليه السلام: العقل شرع من داخل، والشرع عقل من خارج.[1]

وحديث للنبي صلى الله عليه وآله مشهور جداً في هذا السياق، وقد روتْه وقبلته الطوائف الإسلامية، حيث قال صلى الله عليه وآله: "طَلَبُ اَلْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَمُسْلِمَةٍ"[2]

في هذا الحديث، حسب بعض المصادر، كلمة "مسلمة" غير موجودة. وفي هذا الصدد يقول الخبراء إن كلمة "مسلم" في مثل هذه الأحاديث أو الآيات اسم جنس ويشمل الرجال والنساء كالمؤمن ونحو ذلك، وهذه مسألة لا جدال فيها.

وفي كثير من التعاليم، مثل تعليم أصول العقائد والأحكام الشرعية التي يجب على المرأة معرفتها، لا يشترط إذن الزوج فيها، كما أن هناك واجبات أخرى لا يشترط إذن الزوج فيها.

المرأة في مجالات العلم والتعليم

ولذلك نرى أنه بعد ظهور الإسلام وإزالة عوائق التعليم للجميع، لاسيما طبقة النساء، دخلت المرأة مجالات العلم والتعليم، ولم يمض وقت طويل حتى ظهرت المرأة المتعلمة والمتدينة ووصلت إلى مناصب عليا في العلم والمعرفة.

وكنموذج على ذلك، نذكر الحادثة التي رويت عن إحدى النساء اللاتي نشأنَ في الإسلام وهي بريرة الصحابية:

كانت بريرة إحدى السيدات اللاتي نشأنَ في صدر الإسلام، إنها عاشت في زمن النبي صلى الله عليه آله. وفي أحد الأيام جاء زوجها إلى النبي صلى الله عليه وآله وشكى زوجته بريرة التي تركت البيت وذهبت. فدعا النبي صلى الله عليه وسلم هذه المرأة فقال لها: "ارجعي إلى زوجك".

فقالت بريرة: يا رسولَ اللَّهِ أتأمرني بذلِك؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: لا إنَّما أنا شافعٌ"، فقالت: لا حاجة لي فيه.[3]

ومن هذا الحديث الذي دار بين النبي صلى الله عليه وآله وبين هذه السيدة، يتبين أن هذه المرأة قد وصلت إلى مراحل عُليا من إدراك المفاهيم الدينية ومعايير معرفة الأحكام الإسلامية، بحيث صارت تفسّر كلام النبي صلى الله عليه وآله بمعايير دقيقة وتسأل هل أنت كمشرع تعطي الأوامر، أم أنها مسألة إرشادية وإصلاح ذات البين. وأكد النبي صلى الله عليه وآله رأيها وما أدركتْه فقال لها: "بل أنا شافع".

وهذا الحديث صار حِجة لدى الفقهاء والأصوليين في هذه المسألة، فهل الأمر من دون دليل يوجب الوجوب أم لا؟

على أية حال، يتضح من هذا المثال أن النساء في زمن الجاهلية كن غريبات عن الثقافة والمعرفة، وقد حققن في عهد الإسلام درجة عالية من الفهم والمعرفة. وهناك نساء كثيرات من هذا النوع في تاريخ الإسلام.

المصادر:

[1] . العقل والجهل في الكتاب والسنة، محمد الريشهري، ص٧٤.

[2] . بحار الأنوار، محمد باقر المجلسي، ج۶۷، ص۶۸.

[3] . جواهر الكلام، الشيخ الجواهري، ج ٣٠، ص ٢٤٩.